تزايدت المخاطر الناجمة عن "الجريمة المنظمة" خلال السنوات القليلة الماضية، في ظل اختراقها للعديد من الدول والمجتمعات، وهو ما استدعى اعتبارها ضمن أنماط التهديدات الأمنية غير التقليدية التي يواجهها المجتمع الدولي. ويتم إدراج جماعات "الجريمة المنظمة" ضمن الفاعلين من غير الدول الذين باتت لهم موارد تكاد تتجاوز اقتصادات بعض الدول، فضلاً عن نفوذ بالغ عابر للحدود، ما يتطلب تكاتفاً دولياً من أجل مكافحتها.
تغذي الجريمة المنظمة النزاعات الكبرى والإرهاب في العالم، للجريمة مخاطر كثيرة واثار كبيرة على الحياة اليومية، حيث لوحظ في الاونة الاخيرة ارتفاع في نسبها حول العالم، تعرف الجريمة المنظمة على انها تجمعات لشركات ومشاريع عالية المركزية وتكون هذه التجمعات إما محلية أو دولية عابرة للحدود وتدار هذه الشركات عن طريق المجرمون الذين ينوون الانخراط في نشاط غير قانوني في أغلب الاحيان تكون بهدف المال والربح، وبعض المنظمات الإجرامية مثل الجماعات الإرهابية تكون لها دوافع سياسية.
تشير التقارير المتخصصة بالأمن الدولي إلى أن الجريمة المنظمة قد شهدت تغيُّرات جوهرية على مدى العقود الثلاثة الماضية، حيث كانت في شكلها الأولِّي خلال القرن العشرين عبارة عن مجموعة من المافيات والعصابات، ولذا كان يُنظر إليها في الغرب باعتبارها مجرد جرائم ترتبط مواجهتها بجهود الشرطة والمحاكم فقط. ولكن منذ نهاية الحرب الباردة، أصبح النشاط الإجرامي ذا تأثير بالغ على أمن الدول والتنمية الاقتصادية بها.
وخلال فترة التسعينيات من القرن الماضي، أصبحت الجريمة المنظمة أكثر قوة وخطراً في ظل توفر موارد ضخمة للشبكات المتورطة فيها، وكثرة عدد المجندين بها مع وجود دول ضعيفة أو هشّة، وهو ما أدَّى، على سبيل المثال، إلى زيادة العنف في أمريكا الوسطى، وتحويل أجزاء في مالي والنيجر إلى مراكز للأنشطة غير المشروعة وبالتحديد الإتجار في المخدرات والبشر.
ونبع التغيُّر في طبيعة الجريمة المنظمة، خلال السنوات الماضية، من ارتباطها بالسياسيين والمسؤولين، مثلما هي الحال في أوكرانيا وجواتيمالا، وأثبتت هذه الأنشطة غير المشروعة أنها قادرة على التكيُّف مع النظام الدولي المتسارع وما يرتبط به من معاملات مالية وقانونية، وهو ما يتطلب ضرورة وجود منظومة متعددة الأطراف لمواجهة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود الدولية الرامية إلى الحد منها، خاصةً في ظل اعتماد الجماعات الإرهابية على العائدات التي تأتي من تلك الأنشطة غير المشروعة.
شيكاجو أخطر من أفغانستان
قولٌ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اجتماع للجمعية الدولية لقادة الشرطة إن شيكاجو أخطر من أفغانستان التي تخوض الولايات المتحدة حربا فيها منذ 18 عاما مشيرا إلى معدل الجريمة المرتفع في ثالث أكبر مدينة أمريكية من حيث عدد السكان، وأضاف "هذا محرج لنا كدولة الناس في جميع أنحاء العالم يتحدثون عن شيكاجو أفغانستان مكان آمن بالمقارنة بها هذا صحيح".
بلغ عدد جرائم القتل في شيكاجو العام الماضي 561 جريمة بعدما كان 653 جريمة في 2017 وذكرت صحيفة شيكاجو تريبيون أن عدد جرائم القتل في شيكاجو منذ بداية العام الحالي بلغ 436 جريمة، وردت لوري لايتفوت رئيسة بلدية شيكاجو، وهي ديمقراطية، على ترامب على تويتر قائلة إنه لا مفاجأة في أنه "أتى بتهريجه الجاهل المهين إلى شيكاجو".
خطر الجريمة المنظمة في بريطانيا
أضحى خطر الجريمة المنظمة في بريطانيا "مزمنا ومدمرا" ويحتاج إلى المزيد من الأموال للتصدي له، وفقا للوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، وقالت لين أوينز، رئيسة الوكالة، إن عدد ضحايا الجريمة المنظمة يرتفع عاما تلو الآخر إلى حدٍ يفوق عدد ضحايا الإرهاب، والحروب والكوارث الطبيعية مجتمعين.
وطالبت الوكالة البريطانية بضرورة تخصيص "استثمار ضخم جديد" لمكافحة الجريمة المنظمة
وقالت أوينز: "وسط العولمة، والتطرف، والتقدم التكنولوجي، تشهد الجرائم الخطيرة والمنظمة تطورا سريعا ويحتاج إنفاذ القانون استثمارا ضخما جديدا للمساعدة في مكافحتها" وأضافت: "هذا من أكثر التقييمات التي قمنا بها شمولا على الإطلاق فهو يصف تفصيلا الطبيعة المتنامية ودائمة التغير للتهديد الذي تمثله الجريمة الخطيرة والمنظمة على الأفراد، والجماعات، والمجتمع أجمع".
وتعتمد الوكالة، وهي الجهة المسؤولة عن القبض على من يشكلون خطرا كبيرا على بريطانيا، على معلومات وتقارير مخابراتية من مصادر مختلفة في أجهزة إنفاذ القانون والعديد من المنظمات العامة والخاصة.
جرائم القتل تقفز في كندا
قال مكتب الإحصاءات في كندا إن معدل جرائم القتل في البلاد قفز العام الماضي بنسبة سبعة بالمئة مسجلا أعلى زيادة في نحو عشر سنوات وإن الوفيات المرتبطة بالأسلحة النارية كانت الأعلى في 25 عاما، وسجلت الشرطة 660 واقعة قتل في كندا عام 2017 بزيادة قدرها 48 قتيلا عن عام 2016 وبلغ معدل القتل 1.8 ضحية بين كل مئة ألف شخص، وهو الأعلى منذ عام 2009.
وعلى سبيل المقارنة، تظهر بيانات مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي أن معدل جرائم القتل في الولايات المتحدة وصل إلى 5.4 ضحية بين كل مئة ألف شخص في 2017، وتعرضت كندا لقفزة في جرائم القتل بالرصاص وخصوصا في مدن كبرى مثل تورونتو وزاد معدل جرائم القتل المرتبطة بالأسلحة النارية بنسبة 18 بالمئة على مستوى البلاد عنه في عام 2016 ليسجل 0.72 ضحية بين كل مئة ألف شخص، وهو الأعلى منذ عام 1992.
وفي مواجهة زيادة العنف، طبقت الحكومة الاتحادية الكندية، التي تقول إن الكثير من الأسلحة النارية يجري تهريبها من الولايات المتحدة، قوانين تلزم بائعي الأسلحة بالاحتفاظ بسجلات للمشترين وتشديد التدقيق في خلفياتهم، وسجلت 266 جريمة قتل متصلة بالأسلحة النارية في كندا في 2017بزيادة 43 جريمة عن العدد المسجل في 2016، وقال مكتب الإحصاءات في تقرير "جرائم القتل المرتبطة بالأسلحة النارية آخذة في الزيادة منذ عام 2014 والعنف المتصل بالعصابات هو المحرك الرئيسي".
قبرص سلسلة جرائم قتل غير مسبوقة
تثير جرائم قتل خمس نساء وطفلتين أجنبيات على يد "أول سفاح في قبرص" صدمة في الجزيرة ليس فقط لفظاعتها بل لأنها تكشف عن خلل في عمل الشرطة المتهمة بـ"الاستخفاف" في قضايا المهاجرين، ومنذ منتصف نيسان/أبريل، تخصص وسائل الإعلام القبرصية عناوينها وافتتاحياتها لتطوّرات التحقيق بشأن الجرائم السبع التي اعترف بارتكابها نيكوس ميتاكساس (35 عاما)، النقيب في الجيش.
ويوضح الأستاذ في جامعة قبرص في نيقوسيا أندرياس كابارديس المتخصص في علم الجرائم ومؤلف العديد من الكتب عن السفاحين "بالنسبة للقبارصة، اكتشاف سفاح في صلب مجتمعهم، هو أمر غير مسبوق: إنها الحالة الأولى منذ استقلال الجزيرة" في العام 1960، قبل أن يعترف المشتبه به بارتكابه الجرائم، كانت الضحايا وهنّ أربع فيليبينيات بينهنّ امرأة وابنتها البالغة ستّ سنوات، إضافة إلى امرأة رومانية وابنتها تبلغ ثماني سنوات، وامرأة سابعة قد تكون من الجنسية النيبالية، في عداد المفقودين.
وأثارت القضية اضطرابات شديدة على الساحة السياسية في الجزيرة المتوسطية الهادئة عادة: فقد استقال وزير العدل وأقيل قائد الشرطة، تحت ضغط الرأي العام، واتهم الرئيس نيكوس أناستاسيادس الشرطة بأنها "تصرّفت بإهمال وبشكل خاطئ وغير مهني"، وكتبت صحيفة "سايبرس ميل" وهي الصحيفة الناطقة بالانكليزية الرئيسية في الجزيرة، أن الشرطة ارتكبت خطأ هو اعتقاد أن النساء (المفقودات) ذهبن إلى شمال الجزيرة إلى "جمهورية شمال قبرص التركية"، المعلنة من طرف واحد ولا تعترف بها سوى تركيا.
وأضافت الصحيفة "لو قامت الشرطة بعملها بشكل صحيح منذ (أن فُقد أثر المرأة الأولى وابنتها)، لكانت أُنقذت خمس أرواح"، متهمةً الشرطة بـ"ازدراء عنصري" وتابعت "ربما هذا الاستخفاف التام (...) يعكس موقف مجتمعنا".
كابول تصل 100,000 جريمة منظمة
استُقبِلت حادثة طعن مراهق بسكين على مرأى من الجميع في وسط كابول الشهر الماضي، بخشية وبشعور بالاستسلام في مدينة صبغتها الحرب منذ وقت طويل وباتت الجريمة المنظّمة تحوز على مساحات ضمنها، شهد عناصر الأمن المنتشرون على طول الطريق على الحادثة، ولكنّهم لم يتدخلوا وفرّ المعتدون على دراجتهم النارية بعدما غنموا هاتفاً محمولاً وآلة تصوير.
ويتحدث شهود أنّ رجل أعمال قتل داخل عربته في وسط المدينة وهرب المعتدون بحقيبته، تضاف هذه الجرائم إلى لائحة طويلة من أعمال القتل والاختطاف والابتزاز، وتبدو الشرطة أمامها بلا حول وسط انهماكها في مواجهة متمردي حركة طالبان ومقاتلي تنظيم داعش.
ويقول المتحدث باسم غرفة التجارة الأفغانية جان اكا ناويد في حديث له إنّ رجال أعمال عديدين هربوا لخوفهم من أن يصبحوا أهدافاً بدورهم، ويضيف أنّ "البعض ينقلون عائلاتهم وأموالهم نحو وجهات مثل تركيا أو اوزباكستان"، ويبدي أسفه إزاء "الأثر السلبي لهذا الواقع على الاستثمار"، غير أنّه يؤكد في الوقت نفسه عدم توفر أرقام لديه حول الجرائم.
أما الأرقام التي تملكها السلطات الأمنية فمحدودة وفقيرة لناحية التفاصيل والخلفيات وأعلن وزير الداخلية مسعود أندرابي أنّ مئة ألف جريمة سجّلت خلال آخر خمسة أعوام، من دون إعطاء تفاصيل أكثر بشأن طبيعتها، وتعتبر الجريمة أخطر من الإرهاب بالنسبة إلى سكان كابول" يقول البعض إنّ "الإرهاب مشكلة كبيرة لكن ينبغي على الأقل السيطرة على الجريمة المنظمة".
وعلاوة على جرائم القتل وأعمال الاختطاف، تتكرر سرقات السيارات، فيما يزدهر الاتجار بالمخدرات وتصفي العصابات الإجرامية حساباتها في ما بينها عبر زرع القنابل تحت سيارات منافسيها.
شرطي روسي قتل 78 ضحية غالبيتهم نساء
حُكم على شرطي روسي سابق بثاني عقوبة سجن مدى الحياة لقتله حوالي 56 شخصا، فيما وصف بأنه القاتل الأكثر إجراما في تاريخ روسيا الحديث، وأدين ميخائيل بوبكوف، 53 عاما، بقتل 55 سيدة وشرطيا بالقرب من مدينة اركوتسك، في الفترة ما بين 1992 و2007 وكان يقضي بالفعل عقوبة السجن مدى الحياة لقتل 22 شخصا آخرين، عندما صدر ضده الحكم الجديد.
وبهذا يبلغ إجمالي من قتلهم بوبكوف 78 شخصا، متفوقا على القاتل الشهير ألكسندر بيشوشكين، الذي اشتهر بلقب "قاتل رقعة الشطرنغ"، وبلغ عدد ضحاياه 48، وتخطى كذلك أندريه تشيكاتيلو، الذي قتل 52 شخصا خلال الحقبة السوفيتية، وكان بوبكوف يقتل الأشخاص بعد أن يعرض عليهم خدمة توصيلهم بسيارته في وقت متأخر من الليل، وأكدت الشرطة أن 10 نساء على الأقل تعرضن للاغتصاب قبل قتلهن كما استخدم سيارة الشرطة في ثلاث جرائم قتل.
إطارات سيارة بوبكوف قادت الشرطة للوصول إليه وتأكدت من قتله 78 شخصا، وفكت الشرطة لغز جرائم بوبكوف وألقت القبض عليه في 2012، بعد مطابقة حمضه النووي DNA على إثر التمكن من تحديد سيارته كوسيلة في ارتكاب الجرائم، وجميع الضحايا من النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 16 و40 عاما باستثناء رجل واحد يعمل ضابط شرطة.
واستخدم القاتل فأسا ومطرقة في القتل وتشويه الجثث ثم إلقائها في الغابات أو في مقبرة محلية حول مدينة أنغارسك، بالقرب من ايركوتسك، وزعم بوبكوف أنه كان "يُطهر" أنغارسك مما اعتبرهن نساء عديمات الأخلاق.
وتم إجراء فحص حمض نووي DNA لكل من يملك هذا النوع من السيارات لمطابقته مع بعض الآثار والسوائل التي وجدت على بعض الضحايا وكانت النتيجة تطابقه مع حمض بوبكوف النووي. وتم اعتقاله في فلاديفوستوك، في أقصى الشرق، حينما ذهب لشراء سيارة جديدة، في 2012.
واعترف بعد القبض عليه بالذنب في 20 جريمة قتل، وكانت أصغر ضحاياه فتاة لم تتجاوز 15 عاما، وأدانته محكمة بقتل 22 ضحية في 2015، وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة، واستمرت التحقيقات في العديد من الجرائم حتى تم التأكد من قتله 56 ضحية أخرى ليحصل على حكم جديد بالسجن مدى الحياة.
وقالت وكالة انترفاكس الروسية إنه اعترف لسجناء في الزنزانة بأنه قتل المزيد من الضحايا في شيكاتيلو، وكانت الشرطة قد عثرت على بعض ضحاياه أحياء لكنهم ماتوا بعد ذلك في المستشفى متأثرين بإصابتهم، وقال المدعى العام ألكسندر شكنيف، إن بوبكوف يمكنه استئناف الحكم على أمل الحصول على معاش من الشرطة، ويبلغ 42 ألف روبل شهريا (361 دولارا)، وذلك بعد إثبات تعاونه مع المحققين.
آخر التعليقات